لم يكد "تيار المستقبل" في طرابلس يتنفس الصعداء في شارع سوريا بعد توقيف قادة المحاور الذين سلبوا منه قرار المدينة لأكثر من سنة خلال جولات القتال، حتى جاء تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش" ليفرض نفسه لاعباً منافساً في عاصمة الشمال، الأمر الذي يضع التيار الأزرق أمام إمتحان أصعب من إمتحان قادة المحاور. وحتى لو أنّ الغالبية الساحقة من نواب التيار وقياداته ترفض الإعتراف في العلن بوجود تنظيم "داعش" في طرابلس، يبقى هذا الإقرار محصوراً بمجموعة صغيرة، مجموعة شمالية بطبيعة الحال، قامت بواجبها عندما أبلغت قيادتها بتحركات التنظيم الإرهابي الملحوظة خلال الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق تقول مصادر المجموعة، "أن يتجرأ أحدهم على رفع علم واحد للدولة الإسلامية في العراق والشام خلال تظاهرة ليلية الأسبوع الماضي في طرابلس، أقيمت للمطالبة بإطلاق سراح موقوفين، لأمرٌ كافٍ للملاحظة بأن هذا التنظيم موجود، والسبب أن رافع العلم المذكور لو لم يطمئن لوجود بيئة حاضنة له خلال التظاهرة لما كان أقدم على مثل هذه الخطوة التي تعرّضه للملاحقة القضائية".
الأخطر في هذه المواجهة التي تنتظر تيار "المستقبل" يتمثل في السرية التي يعمل على أساسها هذا التنظيم، فنشاطه لا يزال يقتصر على الخلايا السرية المتغلغلة في الأحياء المكتظة سكانياً، ومحركوه في عاصمة الشمال يرتبطون بقيادة التنظيم في الخارج كما هو الحال مع مشّغل إنتحاريي فندق Du Roy المنذر الحسن، كما أنهم من الذين غابوا عن الساحة الطرابلسية، خلال السنوات القليلة الماضية، فإما كانوا في ساحة القتال السورية ضد النظام وإما في بلدان إقليمية وخليجية تعد كوادر هذا التنظيم وتمده بالسلاح والمال.
ومن الأمور التي تخيف التيار الأزرق أيضاً، هو الدعم السياسي غير المباشر الذي قد يحظى به التنظيم، ومن داخل البيت الواحد أو من المقربين منه. وفي هذا الإطار تتخوف أوساط المجموعة المستقبلية الشمالية من جو سياسي إسلامي متطرف قد يسهم في خلقه أحد النوّاب وزميل له وكذلك عدد من المشايخ، من خلال التصريحات التحريضية التي عادت الى الواجهة خلال الأسبوع الماضي. وإنطلاقاً من كل هذه الهواجس، طلبت المجموعة من قيادتها وتحديداً من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري التدخل لحل قضية النائب ووضعه عند حده خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يعمل فيها الأمنيون بكل ما لديهم لإبقاء الوضع على ما هو عليه منذ بدء الخطة الأمنية في طرابلس.
إذاً الى أين ستذهب المواجهة بين "المستقبل" و"داعش" في طرابلس؟ هل يصبح نشاط التنظيم علنياً؟ وكيف سيتعاطى التيار الأزرق الموجود في وزارتي الداخلية والعدل مع هذا الواقع المستجدّ؟